الأفكار الرئيسية
مثل معظم البنوك المركزية في الأسواق الناشئة، تعقد لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك المركزي المصري اجتماعها الخامس لهذا العام في مواجهة معضلة صعبة تتعلق بكيفية الموازنة بين الحفاظ على موقف داعم للسياسة النقدية وسط انخفاض الطلب، والتهديدات الجديدة لمتحور فيروس كوفيد-19 الجديد، وتجنب تذبذب توقعات التضخم خارج نطاق البنك المركزي. يتعين على البنك المركزي أن يأخذ في الاعتبار المتغيرات التالية التي تمثل رياحاً معاكسة ليس فقط للقرار القادم ولكن أيضاً للتوقعات على المدى المتوسط:
الضغوط التضخمية مؤقتة في الوقت الحالي، لكن المخاطر لا تزال بارزة: نتوقع أن يبلغ التضخم ذروته في شهري يوليو وأغسطس، ويرجع ذلك أساساً إلى ارتفاع أسعار الكهرباء والوقود، بالإضافة إلى تأثير سنة الأساس غير المواتي، لكنه سيبقى ضمن مستهدف البنك المركزي المصري البالغ 7% ± 2% قبل أن يتراجع نحو مستوى 4% بحلول نهاية 2021 بفضل تأثير سنة الأساس المواتي. وعلى الرغم من ذلك، تتراكم الدلائل على أن ضغوط الأسعار التي تواجهها الشركات آخذة في الازدياد. بلغت هذه الضغوط ذروتها كما ورد في استطلاع مديري المشتريات في يونيو وبدأت في التراجع في يوليو. إن الارتباط بين تضخم أسعار المنتجين وتضخم أسعار المستهلكين يضعف حالياً بسبب ضعف الطلب ولكن هذا لا يمكن أن يستمر إذا استمرت أسعار السلع الأساسية العالمية وتعطيل سلاسل التوريد في التفاقم.
تشديد السياسة النقدية في الأسواق الناشئة: يستمر التضخم في الارتفاع في معظم أنحاء العالم كما هو الحال في الأسواق الناشئة ولا يزال من الصعب أن نقول بقدر كبير من اليقين مدى استمراره أو إلى متى سيستمر في ضوء الآليات المختلطة التي حركت توقعاتها في الوقت الحالي. علاوة على ذلك، تحولت دورة السياسة النقدية للأسواق الناشئة بشكل ملحوظ نحو التشدد. رفعت البنوك المركزية في بلدان مثل روسيا والبرازيل وتركيا أسعار الفائدة في الأشهر الأخيرة بما يتجاوز توقعات السوق كإجراء وقائي ضد توقعات التضخم غير المستقرة، والمخاوف بشأن عودة السياسة النقدية لحالتها الطبيعية بشكل أسرع من المتوقع في الاقتصادات المتقدمة.
متحور دلتا وهشاشة الانتعاش الاقتصادي: لا يزال الانتعاش واسع النطاق والمستدام مفقوداً حيث انخفض مؤشر مديري المشتريات مرة أخرى في يوليو 2021 إلى 49.1 مقابل 49.9 في يونيو 2021، مما يمثل ثمانية أشهر متتالية من الانكماش في نشاط القطاع الخاص غير النفطي. جاءت القراءة لتعكس هشاشة الانتعاش الاقتصادي نظراً لضعف الطلب والمخاطر المتزايدة لانتشار متحور دلتا المصحوب بمعدل التطعيمات المنخفض.
تشعل أسعار السلع الأساسية وسلاسل التوريد العالمية مستويات التضخم وتعطل الانتعاش: في الوقت الذي بدأت فيه الحكومة دراسة رفع سعر الخبز المدعوم (الذي كان يقدر بنحو 44 مليار جم في العام المالي 2022)، عادت الأسعار العالمية للحبوب والحبوب الزيتية إلى الارتفاع في أغسطس على خلفية الجمع بين الحرارة والجفاف والفيضانات التي تقيد آفاق العرض. علاوة على ذلك، أشارت استطلاعات مؤشر مديري المشتريات العالمية والتصنيع إلى أن النشاط في معظم دول جنوب شرق آسيا قد انخفض في يوليو، الأمر الذي سيستمر في التأثير على أسعار المدخلات المستوردة وميول المنتجين لرفع طاقتهم.
وبالتالي، فإننا نتوقع أن يختار البنك المركزي إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير اليوم وحتى الربع الرابع 2021، مع وجود مجال محدود لخفض بسيط لأسعار الفائدة بحلول أواخر 2021.


